فرص نمو الاقتصاد الأردني في زمن الكورونا

الدكتور بسام الزعبي
رئيس تحرير مجلة جوردان لاند
كاتب ومحلل اقتصادي

يشهد العالم ظروفاً اقتصادية استثنائية في زمن الكورونا، وستستمر هذه الظروف وتتوسع وتزداد بعد إنتهاء الأزمة لفترة من الزمن، وقد يكون من المفيد التركيز على بعض الجوانب الاقتصادية التي من شأنها تخفيف آثار الأزمة على الاقتصاد الأردني والأيدي العاملة فيه، بحيث نبدأ بتجهيز أنفسنا للانطلاق في عدة إتجاهات نذكرها هنا (على سبيل المثال لا الحصر)، لعلنا ننهض بالأردن بقوة منذ الآن بعون الله.

أولاً- دعم الصناعات المحلية وتطويرها:

سيكون من الأولى التركيز على دعم الصناعات المحلية التي لديها القدرة على سد فجوة الإستيراد بشكل كبير، وبالتالي فإن على تلك المصانع أن تضع الخطط اللازمة لتطوير منتجاتها وزيادة قدراتها الإنتاجية وتوسيع قنواتها التسويقية داخلياً وخارجياً، ويجب النظر للأزمة على أنها نقطة تحول إيجابية للتفكير بطريقة منفتحة، وتحول الأزمة إلى فرصة نحو النجاح والأرباح من خلال التوسع في التصدير إن أمكنها ذلك.

ثانياً- تطوير التجارة الإلكترونية:

سيستمر التخوف من التجول والتسوق في الأماكن العامة لفترة من الزمن، مما يدفع الغالبية العظمى للتسوق عبر التطبيقات الذكية، حيث سيكون التوصيل للمنازل والمكاتب وغيرها هو الغالب في سلوك الناس أضعاف ما هو عليه الآن.

وهذا يدفع الشركات التجارية والصناعية والخدمية وغيرها إلى إبتكار تطبيقات خاصة بها، أو التعاون مع منصات قائمة من أجل تسويق منتجاتها، وعلى الشركات التي ليس لديها جاهزية للبيع الإلكتروني تجهيز أنظمتها الداخلية لذلك، من خلال التعاون مع شركات تكنولوجيا المعلومات المتخصصة بالتطبيقات الذكية، للتعاون في إستشراف المستقبل في عالم التجارة الإلكترونية، وهذا ما يجب البدء به منذ الآن.

وسيتولد لدى الشركات الأردنية المنتجة فرصاً تجارية كبيرة في حال جاهزيتها للتجارة الإلكترونية على المستويين المحلي والعالمي، وعليها أن تكون مدركة لأهمية هذه الفرص، وجاهزة للتفاعل معها والإستفادة منها.

ثالثاً- تعزيز وتطوير منصات التعليم الإلكتروني:

يمكن للمؤسسات التعليمية كافة العمل على تطوير منظومة التعليم الإلكتروني بشكل ذاتي من خلال رفع كفاءة العاملين لديها، إلى جانب التعاون مع شركات تكنولوجيا المعلومات المتخصصة، والتي تعتبر مفخرة أردنية نظراً لقوتها العلمية والتقنية بفضل الخبرات والعقول الأردنية المتميزة في هذا المجال، وهو ما يفسح الفرص أمامها لتصدير برامجها لدول أخرى حول العالم في الوقت المناسب.

رابعاً- دعم الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية:

برزت قوة واهمية الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية الأردنية بشكل رائع خلال الأزمة، حيث استعانت العديد من الدول بالأردن لتزويدها بما تحتاج خلال الأزمة، وقد قدم الأردن بعض الأصناف الدوائية كهدية لبعض الدول العربية التي طلبتها رسمياً من الأردن، وهذا ما يجعلنا ننادي بضرورة دعم هذه الصناعات المتخصصة بصورة قوية، وتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الذي يزداد الطلب على منتجاته يوماً بعد يوماً، قبل وخلال وبعد الأزمات، أو بدونها.

خامساً- البنوك وتحريك عجلة رأس المال:

على البنوك القيام بعدة أمور من شأنها ضمان مصالحها ومصالح المتعاملين معها، وقد تكون الخطوة الأولى إعادة جدولة القروض المترتبة على العملاء، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون الجدولة برسوم بسيطة أو بدون فوائد بتاتاً، بحيث يضمن البنك استمرار العملاء (الأفراد بالذات) بتسديد أقساطهم بصورة منتظمة وبما يحفظ مصالح الطرفين، أما الخطوة الثانية فيمكن أن يتم من خلالها تخفيض الفوائد بشكل عام على كافة القروض الجديدة، وبما يتماشى مع تخفيض البنك المركزي لنسب الفائدة.

وقد تأتي الخطوة الثالثة بمبادرة من البنوك لتقديم القروض الميسرة للجهات والشركات والمؤسسات والمصانع والأفراد الذين لديهم فرص للتوسع والنمو، من خلال المؤشرات التي ظهرت خلال الأزمة بتزايد الطلب على خدماتهم أو منتجاتهم.

سادساً- الاستثمار بأفكار الشباب والمبدعين:

أظهرت الأزمة حاجة الدول لتعزيز اهتمامها بالأفكار الجديدة التي يقدمها الشباب والمبدعين بشكل عام، وقد يكون تصنيع أجهزة تنفس اصطناعية محلية للمرضى في عدة دول أكبر وأهم مثال على ذلك.

ومن هنا تأتي أهمية التوسع في تبني أفكار الشباب والمبدعين وغيرهم بصورة أوسع وأشمل وأكثر جدية، وقد يكون ذلك من خلال تعاون فعلي وحقيقي وجدي بينهم وبين المؤسسات العلمية والتعليمية والشركات والصناديق العلمية والصناديق الاستثمارية، وغيرها من الجهات التي يمكن أن تستمع لهؤلاء النخبة وتقيم ما لديهم؛ بعيداً عن المجاملة أو الإستخفاف بما لديهم من أفكار ومقترحات.

سابعاً: دعم هيئة الاستثمار لتحفيز الاستثمارات القائمة والجديدة:

من الضروري وضع خطة شاملة لجذب المستثمرين تتضمن حوافر استثنائية وتسهيلات كبيرة ودعم لا محدود للمستثمرين الجدد، مع التركيز على دعم المستثمرين الموجودين لدينا والاستثمارات القائمة حالياً، ففي الوقت الذي نتطلع فيه لجذب استثمارات جديدة من حول العالم، يجب أن نحافظ على استمرارية وديمومة عمل ونجاح القائم منها، حيث سيواجه العديد من تلك الاستثمارات مشاكل جديدة لم تكن بالحسبان، ومن الضروري حلها بطرق عملية وسريعة لمساندة المستثمرين في تجاوز آثار الأزمة وضمان استمرارية أعمالهم، ولضمان استقرار العاملين لديهم وظيفياً.

وهنا يبرز دور هيئة الاستثمار الأردنية في إدارة المشهد بالكامل، ومن أجل ذلك يجب أن تمنح الهيئة صلاحيات واسعة تمكنها من التحرك سريعاً بطرق عملية بعيدة عن البيروقراطية المعتادة، وقد يكون من المفيد التخلي عن بعض الإجراءات الغير ضرورية المطلوبة للتوسع في الاستثمارات القائمة أو لإقامة الاستثمارات الجديدة، وهذا يتطلب دعم مطلق وصريح وواضح لهيئة الاستثمار من قبل كافة الوزارات والجهات المعنية بالعملية الاستثمارية، دون إعاقة أو إبطاء بقصد أو بغير قصد، من بعض المسؤولين المنغلقين على أنفسهم والمتشبثين بحرفية النصوص والإجراءات العقيمة في وزاراتهم أو دوائرهم.

14-نيسان-2020 22:53 م

نبذة عن الكاتب